نشر الرئيس التونسي، قيس سعيّد، في الجريدة الرسمية الخميس مشروع دستور جديد سيُطرح على استفتاء عام في 25 يوليو، ويمنح رئيس الجمهورية صلاحيات واسعة، في تعارض واضح مع النظام البرلماني القائم حالياً في البلاد.
وينصّ مشروع الدستور على أنّ “رئيس الجمهورية يمارس الوظيفة التنفيذية بمساعدة حكومة يرأسها رئيس حكومة”، يعيّنه الرئيس.
وهذه الحكومة “مسؤولة عن تصرّفاتها أمام رئيس الجمهورية” وليست بحاجة لأن تحصل على ثقة البرلمان لتزاول مهامها، كما يمكن للرئيس أن ينهي مهام الحكومة أو مهام أيّ عضو منها تلقائياً، ما يعني أنّ البلاد ستنتقل إذا ما أقرّ هذا المشروع من النظام البرلماني الحالي إلى نظام رئاسي.
ويمنح مشروع الدستور رئيس الجمهورية صلاحيات واسعة في ميادين شتّى، إذ إنّه “القائد الأعلى للقوات المسلّحة” و”يضبط السياسة العامة للدولة ويحدّد اختياراتها الأساسية” و”يسهر على تنفيذ القوانين ويمارس السلطة الترتيبية العامة”، و”يُسند، باقتراح من رئيس الحكومة، الوظائف العليا المدنية والعسكرية” ويتمتع بحقّ “عرض مشاريع القوانين” على البرلمان الذي يتعيّن عليه أن يوليها “أولوية النظر” فيها على سائر مشاريع القوانين.
بالمقابل يقلّص مشروع الدستور الجديد إلى حدّ بعيد صلاحيات البرلمان، الذي ستُستحدث فيه غرفة ثانية هي “المجلس الوطني للجهات والأقاليم”.
وكما سبق للصادق بلعيد، منسّق الهيئة الوطنية الاستشارية لإعداد الدستور الجديد، أن قال في مقابلة مع وكالة فرانس برس في 6 يونيو، فإنّ مشروع الدستور لا ينصّ على أنّ الإسلام هو دين الدولة، كما هي الحال في دستور 2014 بل يقول إنّ “تونس جزء من الأمة الإسلامية، وعلى الدولة وحدها أن تعمل على تحقيق مقاصد الإسلام الحنيف في الحفاظ على النفس والعرض والمال والدين والحرية”.
كذلك فإنّ مشروع الدستور الجديد ينصّ على أنّ الدولة “تضمن للمواطنين والمواطنات الحقوق والحريات الفردية العامة”، كما أنّ “المواطنين والمواطنات متساوون في الحقوق والواجبات وهم سواء أمام القانون دون أيّ تمييز”.
ويكفل مشروع الدستور الجديد “حرية الاجتماع والتظاهر السلميين”.
ويفترض أن يحلّ هذا النصّ محلّ دستور 2014 الذي أنشأ نظاماً هجيناً كان مصدر نزاعات متكرّرة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.
وتتّهم المعارضة ومنظمات حقوقية سعيّد بالسعي إلى إقرار دستور مفصّل على قياسه.
وإثر أزمة سياسية استمرّت أشهراً، أعلن سعيّد في 25 يوليو تولّيه كامل السلطات التنفيذيّة والتشريعيّة في البلاد بإقالته رئيس الوزراء وتعليقه عمل البرلمان، الذي كانت تهيمن عليه حركة النهضة.
وسيجري الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد في الذكرى السنوية الأولى للإجراءات الاستثنائية التي استحوذ بموجبها سعيّد على السلطات واعتبرتها المعارضة “انقلاباً”.