التطليق للضرر شروطه وأحكامه وإجراءاته | دراسة

نعرض في هذا الموضوع (التطليق للضرر.. شروطه، وأحكامه، وإجراءاته)، وفقما تناولته إحدى الدراسات القانونية، والتي عرفت التطليق للضرر، وذكرت معيار الضرر وتقديره، كما طرحت أمثلة للضرر الذي يجيز طلب التطليق، وحجية الحكم الجنائي أمام قضاء الأحوال الشخصية، وعرض الصلح في دعوى الطلاق، وإلغاء طريق الطعن بالنقض في الحكم النهائي الصادر بالتطليق.
وبرهنت الدراسة على أن الامتناع عن الإنفاق لا يجيز طلب التطليق للضرر، وأوضحت إجراءات نظر دعوى التطليق للضرر، وحالة إذا عجز الحكمان عن الإصلاح.
1 لسنة ۲۰۰۰ بتنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية وفيه يجوز إثباته بكافة طرق الإثبات من بينة ويمين وقرائن وغيرها.
ولما كان مذهب الإمام مالك يجيز التطليق للضرر فأنه يتعين الرجوع إلى هذا المذهب لبيان ماهية هذا الضرر وحالاته:
تعريف الضرر:
توسع مذهب الإمام مالك في مفهوم الضرر الذي يجيز للزوجة طلب التطليق حيث يعرف الضرر في مفهوم ذلك المذهب والمادة المطروحة بأنه إيذاء الزوج لزوجته بالقول أو الفعل إيذاء لا يليق بمثلها بحيث تعتبر معاملة الزوج لها في العرف معاملة شاذة تشكو منها المرأة ولا ترى الصبر عليه ويستحيل معه دوام العشرة بين أمثالهما مثل الضرب والسب والهجر وغيره بل ومجرد تولية وجهه عنها في الفراش عمداً بقصد إيذائها.
تأديب الزوجة وحدوده التي إذا تجاوزها خرج عن نطاق حق التأديب وأضحى ضرراً موجباً للتطليق في قولها ” أن حق الزوج في تأديب زوجته يباح له فيه تأديب المرأة تأديباً خفيفاً على كل معصية لم يرد في شأنها حد مقرر ولا يجوز له أصلاً أن يضربها ضرباً فاحشاً ولو بحق، وحد الضرب الفاحش هو الذي يؤثر في الجسم ويغير لون الجلد فإذا ضرب الزوج زوجته فأحدث لها سحجين في ظاهر الخنصر وسحجاً آخر في الصدر فإن هذا القدر كاف لاعتبار ما وقع منه خارجاً عن حدود حقه المقرر بمقتضى الشريعة ومستوجباً للعقاب عملاً بالمادة 242 من قانون العقوبات”، وعلى ذلك فإذا أساء الزوج استعمال حقه فتجاوز حده وعرضت الزوجة الأمر على القاضي وثبت ما تدعيه من تجاوز الزوج حدود التوجيه والتأديب لها أن تطلب الطلاق.
وهجر الزوج لزوجته يعد من أشد ضروب الضرر الذي ينال من الزوجة ومشاعرها إذ تشعر حينئذ أنها ليست مع زوج تتمتع بعطفه وحنانه وعشرته وكذا تراخيه في إتمام الزوجية بسبب يرجع إليه .
ويعتبر هذا الهجر ضرراً للزوجة حتى لو لم يقصد الزوج بذلك الهجر الإضرار طالما أن الهجر قد تحقق بالفعل وذلك على ما اعتمده بعض فقهاء المالكية الذي استمد منه القانون أحكام الطلاق للضرر استنادا إلى الحديث الشريف (لا ضرر ولا ضرار) وبأن الوطء يتعلق به حق الزوجة وبهجره لفراشها يكون قد فوت عليها ذلك الحق ولا يكون إمساكاً لها بالمعروف.
حكم جنائي ضده لثبوت اعتدائه عليها بالضرب فهل يكفي هذا الحكم لحمل القضاء لها بالتطليق على الزوج استنادا إلى هذا الدليل وحده؟
والذي يثير هذا التساؤل أن إثبات وقائع الإضرار المتمثلة في اعتداء الزوج على الزوجة بالضرب إنما يشترط ثبوتها بمشاهدة العين حيث لا يكفي إقامة الدليل عليها ببينة سماعية وأن يشاهد تلك الوقائع رجلان عدلان أو رجل وامرأتان حتى تذكر إحداهما الأخرى، في حين أن الحكم الجنائي الصادر بالإدانة ضد الزوج لاعتدائه عليها يستند غالباً إلى مجرد ما جاء بأقوال المجني عليها وما ثبت بالتقرير الطبي المحرر بعد توقيع الكشف الطبي عليها فهل يعد مثل هذا الحكم دالاً على نسبة الإصابة التي وجدت بالزوجة إلى الزوج لمجرد أنها ادعت باعتدائه عليها بالضرب؟ وهل يمكن للكشف الطبي الموقع عليها في إطار الدعوى الجنائية الجزم بأن الإصابات التي شوهدت بالزوجة لا تكون إلا من فعل الزوج؟ هذا لا يمكن القول به ومن هنا ظهرت مشكلة تعارض اختصاص الإثبات في مسائل الأحوال الشخصية بقواعد خاصة وقاعدة حجية الحكم الجنائي أمام القضاء المدني ومنه قضاء الأحوال الشخصية بطبيعة الحال، هل يعد مثل الحكم الجنائي الذي صدر بإدانة الزوج لمجرد أقوال الزوجة المجني عليها وما ورد بالتقرير الطبي حجة دالة على نسبة إحداث إصابات الزوجة إلى الزوج في أمر يشترط لإثباته شرعاً أن يشاهده شاهدان عدلان مشاهدة العين؟ والإجابة على هذا التساؤل تنحصر في القول بأن الحكم الجنائي البات يقيد القضاء المدني فيما يتصل بوقوع الجريمة ونسبتها إلى المتهم وأن هذا المبدأ يشمل نطاقه الدعوى المدنية بالمعنى الواسع حيث يمتد إلى جميع الدعاوى المدنية مثل دعوى الطلاق المترتبة على جريمة الزنا وحقيقة الأمر في هذا المجال أن الضرر الواقع على الزوجة لا يقتصر أمر إثباته على البينة وحدها إذ هو يثبت بكافة طرق الإثبات القانونية الشرعية فهو يثبت بإقرار الزوج به كما يثبت بالأوراق الرسمية والعرفية والقرائن فضلاً عن البينة أما إذا لجأت الزوجة إلى اختيار البينة وسيلتها لإثبات الضرر الموجب التطليق تعين عليها الالتزام بقيود البينة الشرعية على الضرر وهو شهادة رجلان أو رجل وامرأتان يشهدان برؤيتهما وقائع اعتداء الزوج على الزوجة مشاهدة العين كما سلف القول وعلى ذلك فإن الزوجة تستطيع أن تلجأ في إثبات وقائع إضرار الزوج بها إلى غير البينة الشرعية ويدخل ضمن تلك الوسائل الأخرى ما عساه يكون قد صدر ضد الزوج من أحكام جنائية باتة تدينه لثبوت اعتدائه على الزوجة بالضرب مثلاً وذلك شريطة أن يكون الحكم الجنائي ضد الزوج بالإدانة هو لعقابه عن ذات وقائع الاعتداء التي تستند إليها الزوجة في دعواها بالتطليق للضرر، أما إذا اختلفت واقعة اعتداء الزوج والتي صدر ضده الحكم الجنائي بشأنها عن تلك التي تستند إليها الزوجة في دعواها بالتطليق انتفت حجية الحكم الجنائي المذكور لاختلاف المحل في كل منها.
في حالة الحكم بالتطليق، أما إذا كانت المحكمة قد انتهت في الدعوى إلى القضاء برفضها فإن ثبوت تخلفها عن عرض الصلح على نظرها لا يبطل الحكم الصادر بالرفض ذلك أن هدف المشرع من اتخاذ إجراء عرض الصلح هو الحيلولة دون فصم عرى الزوجية رغم ثبوت ما يدعوا إلى التفريق وهو ما لا يتحقق إذا رفضت الدعوی.
إلغاء طريق الطعن بالنقض في الحكم النهائي الصادر بالتطليق:
وقد خطى المشرع خطوة حاسمة للقضاء على معضلة صدور الحكم القضائي بالتطليق ثم إلغاءه من محكمة النقض باعتباره قمة التنظيم القضائي المصري ودرجة الطعن الأخيرة على الأحكام الصادرة بالتطليق وما كان يترتب عليها من مشكلات خطيرة تتمثل في زواج المطلقة بموجب الحكم الاستئنافي من آخر وإنجابها منه ثم صدور الحكم من محكمة النقض في الطعن الذي يكون المطلق قد أقامه طعناً على الحكم الصادر من محكمة الاستئناف بالتطليق بإلغاء الحكم الصادر بالتطليق حيث استحدث نظام التقاضي على درجتين فيما يتعلق بقضايا الأحوال الشخصية بوجه عام على نحو ألغي بمقتضاه حق المتقاضين في جواز الطعن على الحكم الصادر عن محكمة الاستئناف أمام محكمة النقض بما بات معه الحكم الصادر عن محكمة الاستئناف (محكمة الدرجة الثانية) هو الحكم البات في تلك المنازعات اختصاراً لدرجات التقاضي حيث أصدر القانون رقم 10 لسنة 2004 الخاص بتنظيم محاكم الأسرة متضمنا نص المادة (14) منه القول “مع عدم الإخلال بأحكام المادة (250) من قانون المرافعات المدنية والتجارية تكون الأحكام والقرارات الصادرة من الدوائر الاستئنافية غير قابلة للطعن فيها بطريق النقض” . (موسوعة المشكلات العملية في قوانين الأحوال الشخصية ، المستشار/ أشرف مصطفى كمال).
الامتناع عن الإنفاق لا يجيز طلب التطليق للضرر:
وأخيراً تجدر الإشارة إلى أن امتناع الزوج عن الإنفاق على زوجته وعدم وجود مال ظاهر له يمكنها التنفيذ عليه بنفقتها، لا يجيز لها طلب التطليق منه بائناً للضرر عملاً بالمادة السادسة من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة ۱۹۲۹ (المعدل)، لأن هذه الحالة وضعت لها نصوص خاصة في القانون رقم 25 لسنة 1920 المواد (4، 5، 6) – وحكم الطلاق الذي يترتب على هذه الحالة أنه طلاق رجعي (م 6)، هذا ولا يتصور أن الامتناع عن الإنفاق ضرر لا يستطاع معه العشرة بين الزوجين بدرجة توجب التطليق البائن. (موسوعة الفقه والقضاء في الأحوال الشخصية، للمستشار/ محمد عزمي البكري).
كما أن حبس الزوج أو غيبته أو فقدانه لا يتيح للزوجة طلب التطليق للضرر المقرر بالمادة السادسة، حيث تخضع هذه الحالات لمواد وأحكام أخرى.
بينهما على أية طريقة ممكنة.
المادة 10
إذا عجز الحكمان عن الإصلاح :
(1) فإن كانت الإساءة كلها من جانب الزوج اقترح الحكمان التطليق بطلقة بائنة دون مساس بشئ من حقوق الزوجة المترتبة على الزواج والطلاق .
(2) وإذا كانت الإساءة كلها من جانب الزوجة إقترحا التطليق نظير بدل مناسب يقدر أنه تلتزم به الزوجة .
(3) وإذا كانت الإساءة مشتركة إقترحا التطليق دون بدل او ببدل يتناسب مع نسبة الإساءة .
(4) وان جهل الحال فلم يعرف المسيء منهما اقترح الحكمان تطليقاً دون بدل .
المادة 11
على الحكمين أن يرفعا تقريرهما الى المحكمة مشتملاً على الأسباب التي بنى عليها فإن لم يتفقا بعثتهما مع ثالث له خبرة بالحال وقدرة على الإصلاح وحلفته اليمين المبينة فى المادة (8) وإذا إختلفوا أو لم يقدموا تقريرهم فى الميعاد المحدد سارت المحكمة فى الإثبات.
وإن عجزت المحكمة عن التوفيق بين الزوجين وتبين لها إستحالة العشرة بينهما وأصرت الزوجة على الطلاق قضت المحكمة بالتطليق بينهما بطلقة بائنة مع إسقاط حقوق الزوجة المالية كلها او بعضها وألزمت بالتعويض المناسب إن كان لذلك كله مقتض .
المادة: 19 من القانون رقم 1 لسنة 2000:
فى دعاوى التطليق التي يوجب فيها القانون ندب حكمين يجب على المحكمة أن تكلف كلاً من الزوجين بتسمية حكم من أهله – قدر الإمكان – فى الجلسة التالية على الأكثر، فان تقاعس أيهما عن تعيين حكمه أو تخلف عن حضور هذه الجلسة عينت المحكمة حكماً عنه.
وعلى الحكمين المثول أمام المحكمة فى الجلسة التالية لتعيينهما ليقررا ما خلصا اليه معاً ، فان اختلفا أو تخلف أيهما عن الحضور تسمع المحكمة أقوالهما أو أقوال الحاضر منهما بعد حلف اليمين.
وللمحكمة أن تأخذ بما انتهى اليه الحكمان أو بأقوال أيهما، أو بغير ذلك مما تستقيه من أوراق الدعوى.
ويتعين أخيراً مراعاة الأحكام الإجرائية الأخرى التي أوردها القانون رقم 10 لسنة 2004 الصادر بإنشاء محاكم الأسرة وخاصة ما يتعلق بتسوية المنازعات الأسرية.
وفي النهاية نعيد التأكيد على أن الحكم الصادر في دعوى التطليق يكون قابلاً للاستئناف، إلا أنه غير جائز الطعن عليه بالنقض كما أوردنا سلفاً.