السياحةُ في أوزبكستان، وآفاق التعاون مع مصر.. فعاليةٌ نقاشية لمركز العرب بالشَّراكة مع سفارةِ أوزبكستان بالقاهرة
عقد مركز العرب للأبحاث والدراسات ندوةً حواريةً بالتعاون مع سفارة دولة أوزبكستان في القاهرة، تحت عنوان (السياحة في أوزبكستان وآفاق التعاون مع مصر)، وذلك بحضور نائب سفير أوزبكستان، ورئيس مركز العرب، محمد فتحي الشريف، وعددٍ من أعضاء مجلس النواب المصري، من بينهم النائب حسام المندوه الحسيني عضو لجنة التعليم، والنائب عبد السلام الخضراوي، والنائبتان جيهان البيومي، وولاء التمامي، وعددٍ من الباحثين ورجال الأعمال والمتخصصين في مجال السياحة.
وأدار الجلسة الدكتور محمد طلعت، نائب رئيس مركز العرب لشؤون آسيا، والذي تحدث عن عمق العلاقات الودية والتاريخية بين البلدين، مؤكداً وجود رغبةٍ حقيقة لدي الطرفين لبدء تعاونٍ مثمر في مجال السياحة.
وفي البداية رحب مظفر جليلوف، نائب سفير أوزبكستان والمستشار السياسي للسفارة، بالحضور، مؤكداً تطلعه إلى الوصول لتوصياتٍ قابلة للتنفيذ في نهاية الجلسة.
مركز العرب للدراسات شريكٌ بحثي متميز
ومن جهته قال محمد فتحي الشريف، رئيس المركز، إن مركز العرب هو فكرةٌ نضجت في عقول أبنائه منذ سنوات، وأصبحت واقعاً في نهايات العام 2021، وهي تهدف إلى المساهمة في فهم وقراءة واقع وطننا العربي ومحيطه الإسلامي، من خلال تحليل المعلومات المطروحة بشكلٍ علمي بحثي دقيق، وتقديم معالجةٍ لأبرز المشاكل التي تواجه مجتمعاتنا العربية، في إطارٍ يحث على التكاتف والاتحاد، ويرفض الاختلاف وينتهج نهجاً إيجابياً في التعاطي مع كل قضايا أمتنا العربية والإسلامية.
طفرةٌ تحققت ونأمل في المزيد
وأضاف: “لقد أنتجنا على مدار الثلاث سنوات الفائتة عشرات المؤلفات التي تخدم هذه الفكرة، بين قراءاتٍ تحليلية للأحداث التي تدور في محيطنا، وأوراقٍ بحثية تستشرف مآلات المستقبل ووقائعه، وتقديراتٍ للمواقف التي تحدث من حولنا بين الصراعات والتجاذبات السياسية التي تعيشها المنطقة، والتي خلصت في مجملها إلى أنه لا استقرار بدون أمن، ولا تنمية بدون شراكة، ولا نجاح بدون تعاون، ففي عالمٍ مترامي الأطراف متعدد الأقطاب، لا مناص لدُولنا إلا أن تتقارب وتبحث عن مصالحها المشترك فيما بينها”.
وتابع أن موضوع الندوة ينقسم، من وجهة نظرنا في مركز العرب، إلى محورين أساسيين: الأول يتعلق بالسياحة بين الدول والثاني يتعلق بآفاق التعاون عموماً.
ووفقا للشريف فإن السياحة تمثل أحد أهم الركائز الأساسية في دولتي مصر وأوزبكستان، ففي الأخيرة وحدها تقول التقديرات الرسمية الصادرة عن “لجنة السياحة التابعة لوزارة البيئة وحماية البيئة وتغير المناخ في أوزبكستان” إن 5.2 مليون سائح زاروا البلاد في 2022، بينما هنا في “مصر” تقول تقديرات الحكومة المصرية إن الأشهر التسعة الأوائل فقط من العام الجاري 2023 زار البلاد حوالي 4.3 مليون سائح، كما أن قطاع السياحة المصري يمثل أحد أهم روافد الاقتصاد الوطني المصري كونه يعمل به 10 ملايين مواطن.
الشريف: الأرقام توضح الوضع القائم
وقال إن هذه الأرقام تعبِّر بشكلٍ واضح عن أهمية ما نبحثه اليوم في هذا الجمع المستنير، كما أنها تحمِّلنا مسؤولية الخروج بمقترحاتٍ لزيادة التعاون في هذا الملف الحيوى لما يخدم شعوب هذين البلدين القديمين في التقارب والتعاون، إذ أنه لا يوجد بلد في العالم، على ما أعتقد، يضم حياً كاملاً يحمل اسمه “أوزبكستان” كما هو الحال مع القاهرة، التي لا تزال تحتفظ بحي ” الأزبكية” كأحد أقدم أحيائها التاريخية.
وأكد أن التعاون موضوع كبير، ونحن يمكنا أن نكون معا أحد أدوات هذه التعاون عبر تقديم الرؤى والأفكار والمقترحات، للتعريف بإمكانيات البلدين السياحية، وعلاقتهما التاريخية، وما يمكن أن يقدمانه معاً في مجالات التعاون، ليس فقط اقتصادياً، ولكن على كافة المستويات الاقتصادية والاجتماعية، حيث تمتلك القاهرة رصيداً معرفياً وثقافياً يجعلها قادرة على جذب الباحثين عن المتعة والجمال، والعلم والمعرفة.
المندوه يشيد بجهود مركز العرب
وفي سياقٍ متصل قال عضو مجلس النواب حسام المندوه الحسيني، أنه استمتع بالعرض الذي قدمه مركز العرب للأبحاث من خلال الفيلم الوثائقي الذي يتحدث عن أوزبكستان، والعلاقات المصرية الأوزبكية، لافتاً إلى أنه سيكون من أول الناس الذين يفكرون في السفر إلى أوزبكستان، لما تملكه من مقوماتٍ ثقافية وتراثية.
وأضاف أن قضية التعاون في ملف السياحة تحتاج لتضافر كافة الجهود لتحقيق عناصر الجذب بين البلدين، لافتاً إلى أن هذه العناصر لا تقتصر على المزارات أو المناظر الطبيعية، بل المقصود هنا هو اللوجيستيات المتعلقة بالسفر والنقل والتسوق.
الخضراوي يطالب بمزيدٍ من التعاون
واتفق معه النائب عبد السلام الخضراوي، الذي أكد أنه زار أوزبكستان أكثر من مرة، مؤكداً أن ملف السياحة بين البلدين واعدٌ ويمكن تحقيق تعاونٍ مثمر فيه بسهولة.
وقال الخضراوى في كلمةٍ له إن السياحة مصدرٌ واعد لتحسين الاقتصاد، خصوصاً وأن البيئة مواتية في مصر وأوزبكستان للبدء في تعاونٍ بناء يخدم مصالح الشعبين.
زهري يقدم مقترحات
وخلال الجلسة استعرض الدكتور محمد عبد الفتاح زهري، وكيل كلية السياحة والفنادق جامعة المنصورة ، ورقةً تحليلية تتضمن مقترحاتٍ لتطوير السياحة في دولة أوزبكستان، مؤكداً أن هذا البلد الواعد يمتلك مقوماتٍ سياحية هائلة ليس فقط على مستوى المزارات الإسلامية، بل على مستوى المزارع والحدائق وأماكن التسوق والمطاعم.
كما استعرض الباحث أحمد عبده طرابيك تاريخ العلاقات المشتركة بين مصر وأوزبكستان، مؤكداً أن التاريخ ممتد بين البلدين منذ دولة المماليك.
وأضاف أن عدداً من حكام مصر وأمرائها كان من الأراضي الأوزبكية، أهمهم السلطان قلاوون وأبناؤه وأحفاده الذين كان آخرهم في الحكم السلطان حسن.
غيدة يطالب بتفعيل السياحية الرياضية
فيما طالب الدكتور محمد يحيى غيدة، الأستاذ بجامعة المنصورة، وعضو الهيئة الاستشارية بمركز العرب، وأمين عام مؤسسة القادة، مسؤولي أوزبكستان بالاهتمام بالسياحة الرياضية، كما طالبت مديرة مركز العرب الدكتور دينا محسن، بتفعيل التعاون في المجالات الاعلامية والبحثية لتسويق السياحية بين البلدين .
توصيات الخبراء والباحثين
من جانبها طالبت الدكتورة راندة فخر الدين، بوضع السياحة العلاجية على أجندة الدولة الأوزبكية، وتحدث الخبير السياحي محمد فتحي أبوشنب عن ضرورة تفعيل دور القطاع بين البلدين، واتفق معه في الطرح الباحث رامي زهدي، رئيس وحدة الدراسات الإفريقية بالمركز، فيما طالبت الدكتور غادة جابر، نائب رئيس مركز العرب، بتفعيل دور القوى الناعمة بين البلدين، كما قدم الخبير السياحي أحمد السيد، مقترحاً بتبادل الرؤي والأفكار بين الشركات السياحية في البلدين، من خلال عقد ملتقي بين الشركات بشكل سنوي.
كما تحدث خلال الجلسة عددٌ من الحضور من بينهم الدكتورة فينوس فؤاد، أستاذ النقد الفني، ووكيل وزارة الثقافة المصرية، والتي طالبت بتقديم تسهيلاتٍ للسائحين المصريين من قبل أوزبكستان، كما فعلت الدولة مع زوار دول أخرى، مطالبةً بتفعيل فكرتها التي تقدمت بها من قبل وهي فكرة المتاحف المفتوحة، والتي تشير إلى أن أوزبكستان توفر باحثين سياحيين يتحدثون اللغة العربية، يمكن أن يكونوا من الطلاب الدارسين في مصر، وينظموا فعالياتٍ في المتاحف المصرية المنتشرة في محافظات البلاد.
أوزبكستان لؤلؤة آسيا
وعرض مركز العرب فيلماً تسجيلياً عن “أوزبكستان” والذي دار حول التاريخ المشترك بين البلدين، وجاءت كلماته على النحو التالي: “بين تاريخٍ عريقٍ وحاضرٍ مشرق، يعيش الشعب الأوزبكستاني، الذي يستمد عزيمته من أصل الكلمة، ومعناها في اللغة المحلية للبلاد “الأرض الحرَّة” أو وطن السيد”.
تاريخٌ عريق
ويعود تاريخ (أوزبكستان) إلى أربعة قرونٍ قبل الميلاد، ومن هناك سُطرت أعظم الأساطير في العصور الوسطى، فمنها خرج القادة الفاتحون، وفى أراضيها نبت كبار علماء الإسلام.
بلد القبابِ والمآذن
تُعرف أوزبكستان ببلد المآذن المتلألئة، والقباب الفخمة، وتُشتهر بأشجار التوت والصنوبر، لكن إرثها التاريخي والعربي لا يزال الكثيرون يتغزلون في شهرته وحضوره على مسرح الأحداث الإسلامية الكبرى.
هنا مهدُ العلم والعلماء
من أرضها الطيبة خرج ابن سينا، والخوارزمى والفرغانى والبيروني وغيرهم، ليمهدوا الطريق لصناع الحضارة في العصر الحديث، ومن مداد أحبارها دوَّن البخاري، والنسائي، والترمذي، كلمات النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وحفظوها لمليار مسلم لازالوا ينتفعون بها رغم تعاقب الأزمان.
لؤلؤة آسيا الوسطى
تتمتّع «لؤلؤة آسيا» بسحرٍ جذاب خلقته طبيعةٌ مكسوة بالخضرة والثلوج، وتربطها علاقاتٌ طيبة مع جيرانها العرب والمسلمين، خصوصاً وأن أراضيها تحتضن قبر الصحابي قثم بن العباس بن عبد المطلب، ابن عم الرسول صلى الله عليه وسلم.
علاقاتٌ تاريخية
تعود العلاقات بين أوزبكستان ومصر إلى قديم الزمان، منذ جاء المماليك من بلاد ما وراء النهر ليسطروا تاريخاً مجيداً على أرض المحروسة، وفي العصر الحديث كانت مصر من أوائل الدول التي فتحت سفارةً لها في طشقند، وتحديداً عام 1993، بعد استقلال الدولة عقب تفكك الاتحاد السوفيتي السابق.
علاقاتٌ دبلوماسية ممتدة
منذ ذلك التاريخ، ومصر تقيم علاقاتٍ دبلوماسية وتجارية كبيرة مع أوزبكستان، كما أن الأراضي الأوزبكية مقصدٌ للآلاف من السياح المصريين سنوياً، وتستقبل القاهرة الكثيرين ممن يقصدون مصر للتعلم أو السياحة والتنزُّه.
علاقاتٌ متطورة
العلاقات المصرية الأوزبكية قديمةٌ ولكنها متطورة، حتى أن القاهرة لا تزال تحتفظ بالعديد من الشواهد والآثار التي توضح عمق العلاقات التاريخية بين البلدين، مثل “مقياس النيل” في القاهرة، الذي أنشأه “أحمد الفرغاني”، كذلك جامع “ابن طولون” هو من أكبر جوامع مصر من حيث المساحة، و”حديقة الأوزبكية”، التي أنشأها “سيف الدين أوزبك اليوسفي”، لتكون جميعها شاهدةً على تاريخٍ أخوي.. ومستقبلٍ مشرق.
وجهةٌ سياحية رائعة
العاصمة طشقند، بها من الجمال ما يغرى السياح.. وتتصدر سمرقند اهتمامات الزوار لما تمثله من تاريخٍ حضارى مهم.. وبخارى، وخيوة، ومرغلان، وشهرسبز، وترمذ، وخوقند.. مدن تستحق أن تكون على أجندة المسافر ليقرأ صفحات من تاريخ الحضارة الإنسانية.