المحكمة الدستورية تصدر حكما بشأن تنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر
قضت المحكمة الدستورية العليا، برئاسة المستشار بولس فهمي إسكندر في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 59 لسنة 40 قضائية إلكترونية، المقامة من ناجي رشاد جريس ضد رئيس مجلس النواب والممثل القانوني لسفارة بولندا.
وذكرت الدعوى أنه بتاريخ 3/ 5/ 2018، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا ؛ طالبا الحكم بعدم دستورية المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، فيما تضمنته من تأبيد عقود الإيجار الصادرة للأشخاص الاعتبارية.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى، وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرا برأيها، ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
وأشارت الدعوى، حيث إن الوقائع تتحصل على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق في أن المدعي أقام أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية، الدعوى رقم 740 لسنة 2016 إيجارات، ضد المدعى عليه الرابع ؛ طالبا الحكم بانتهاء عقد الإيجار المؤرخ 1962/6/2، لانتهاء مدته، وعدم الرغبة في تجديده، وإخلاء العين المؤجرة وتسليمها خالية من الأشياء والأشخاص، على سند من القول بأنه بموجب عقد الإيجار المشار إليه، استأجرت السفارة المدعى عليها الرابعة من مورث المدعي، الشقة محل التداعي بقصد استعمالها سكنا لموظفيها، وإزاء عدم رغبته في تجديد العقد، فقد أنذر المدعى عليه الأخير بانتهاء عقد الإيجار المشار إليه، وأقام دعواه بالطلبات السالف بيانها.
وتابعت الدعوى أنه في جلسة 2017/2/28، حكمت المحكمة برفض الدعوى، ودفع طعن المدعي على الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 4993 لسنة 134 قضائية، وحال نظره، بعدم دستورية المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، فيما تضمنته من تأبيد عقود الإيجار الصادرة للأشخاص الاعتبارية، وإذ قدرت المحكمة جدية الدفع، وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية؛ أقام الدعوى المعروضة، وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن المصلحة الشخصية المباشرة تُعد شرطًا لقبول الدعوى الدستورية، وأن مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم الصادر في المسألة الدستورية لازما للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها، المطروحة أمام محكمة الموضوع.
وأضافت الدعوى إن هذه المحكمة سبق أن قضت بحكمها الصادر بجلسة 2018/5/5، في الدعوى رقم 11 لسنة 23 قضائية دستورية”، بعدم دستورية صدر الفقرة الأولى من المادة (18) من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، فيما تضمنه من إطلاق عبارة “لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان، ولو انتهت المدة المتفق عليها في العقد، لتشمل عقود إيجار الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية لاستعمالها في غير أغراض السكني.
وقد نشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية، بالعدد رقم 19 مكرر ب بتاريخ 13 مايو سنة 2018، وكان مبنى هذا القضاء أن المشرع لم يُجز بمقتضى صدر الفقرة الأولى من المادة 18 من القانون رقم 16 لسنة 1981 المشار إليه، للمؤجر طلب إخلاء المكان المؤجر بعد انتهاء مدة الإجارة المتفق عليها في العقد، لتصير ممتدة بقوة القانون، ما لم يتحقق أحد أسباب الإخلاء المنصوص عليها حصرًا بتلك المادة. وقد جاءت عبارة ذلك النص، في شأن الامتداد القانوني لمدة عقد إيجار الأماكن، بصيغة عامة ومطلقة، لتشمل الأماكن المؤجرة لغرض السكني أو لغير هذا الغرض، المؤجرة لأشخاص طبيعيين أو لأشخاص اعتبارية، عامة كانت أم خاصة، ولم يرد بنص تلك المادة تقييد لهذا الإطلاق، فيما خلا عقود إيجار الأماكن المفروشة، فلا يسري عليها الامتداد القانوني لمدة عقد الإيجار، وانتهت المحكمة إلى أن مؤدى ذلك النص تأبيد عقود الإيجار للأشخاص الاعتبارية، بما ينال من الحماية الدستورية للملكية الخاصة، ويخل بمبدأ المساواة، وبحرية التعاقد، باعتبارها فرعًا من الحرية الشخصية، وحيث إنه لما كان ذلك، وكان النزاع الموضوعي يدور حول طلب الحكم بإخلاء المكان المؤجر لسفارة بولندا بجمهورية مصر العربية، وتسليمه للمدعي خاليا، بعد انتهاء مدة العقد التي حددها طرفا عقد الإيجار.
وكان ما ورد بصدر الفقرة الأولى من المادة 18 من القانون رقم 136 لسنة 1981 المشار إليه، في حدود نطاقه المتقدم، هو الحاكم لهذه المسألة، فإن القضاء بعدم دستوريته في شأن الأشخاص الاعتبارية هو الذي يرتب انعكاسا على الطلبات في الدعوى الموضوعية، دون نص المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 المشار إليه، التي يسري حكمها على ضوابط امتداد عقود إيجار الأماكن السكنية وغير السكنية للأشخاص الطبيعيين.
ومن ثم يكون القضاء في دستوريتها غير ذي أثر أو انعكاس على النزاع الموضوعي، والطلبات المطروحة به، وقضاء محكمة الموضوع فيها، لتنتفي بذلك مصلحة المدعي في الطعن على تلك المادة، الأمر الذي يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى، فلهذه الأسباب حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، ومصادرة الكفالة، وألزمت المدعي المصروفات.