التشريعات القانونية
من أحكام النقض بشأن استحقاق العامل الأجر الشامل المضاعف عن العمل أيام الراحات
تناولت محكمة النقض في أثناء حكمها بالطعن رقم 3884 لسنة 90، أحقية العامل في إجازة بأجر كامل في أيام العطلات والمناسبات والاعياد الرسمية، وأوضحت أن تشغيل العامل خلال أيام الراحة، يؤدي إلى استحقاقه أيام راحة عوضاً عنها أو أجراً مضاعفاً، بشرط اثباته أنه قام بالعمل خلال تلك الأيام بتكليف من جهة العمل، أو لضرورات العمل، وأنه لم يُمنح أياماً عوضاً عنها، طبقُا للمادتين ٦٩، ٧٠ من اللائحة.
تحصل الوقائع تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم … لسنة ٢٠١٦ عمال شمال القاهرة الابتدائية على المطعون ضدها – الشركة القابضة لمصر للطيران – بطلب الحكم بإلزامها بصرف المستحقات المالية لعملهِ أيام العطلات والراحات والتي بلغ عددها ٣٥٧ يومًا منذ يناير من عام ۲۰۱۱ وما يُستجد مستقبلاً وذلك بالأجر الشامل المضاعف عن تلك الأيام، ومبلغ ٥٠٠٠٠ جنيهٍ تعويضاً عما أصابه من أضرار نتيجة عدم الصرف.
وقال بياناً لها: إنه يعمل لدي المطعون ضدها بوظيفة مدير عام إدارة قانونية وأسندت إليه أعمال استلزمت حضوره بالجلسات أيام السبت المقرر يوم راحة أسبوعية أمام المحاكم المختلفة ومكاتب الخبراء فضلاً عن مباشرة أعماله بمقر الإدارة القانونية، وإذ رفضت صرف المقابل النقدي وفقاً للائحة العاملين لديها فقد أقام دعواه بطلباته سالفة البيان، قضت المحكمة برفض الدعوى، استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم … لسنة ٢٢ ق، وبتاريخ ٢٤/١٢/٢٠١٩ حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه، وإذ عُرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيهـا.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه، بطلانه لمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتفسيره وتأويله، وفي بيان ذلك يقول: إنه يستحق أجراً مضاعفاً أو أياماً عوضاً عن أيام العطلات والأعياد والمناسبات الرسمية وفقاً لنص المادة ٧٠ من لائحة المطعون ضدها، إلا أن الحكم المطعون فيه قضى برفض الدعوى على سند من أن أيام الراحات الأسبوعية كيوم السبت لم تنص عليها اللائحة، على الرغم من أن يوم السبت يُعد يوم عطلة رسمية وفقاً لقرار وزير النقل رقم ١١٩٨ لسنة ۲۰۰۱ فضلاً عن أن كلمة العطلات الواردة باللائحة تتسع في عموم لفظها للراحات الأسبوعية وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي – في أساسه – سديد، ذلك أنه لما كان النص في الفقرة الأولى من المادة الثانية عشرة من مواد إصدار القانون رقم ٢٠٣ لسنة ١٩٩١ بإصدار قانون شركات قطاع الأعمال العام على أن يصدر رئيس مجلس الوزراء اللائحة التنفيذية للقانون المرافق خلال ثلاثة أشهر من تاريخ العمل بهذا القانون وفي المادة ٤٢ من القانون المذكور على أن تضع الشركة بالاشتراك مع النقابة العامة المختصة اللوائح المتعلقة بنظام العاملين بها، وتتضمن على الأخص نظام الأجور والعلاوات والبدلات والإجازات طبقاً للتنظيم الخاص بكل شركة وتُعتمد هذه اللوائح من الوزير المختص.
كما تضع الشركة بالاشتراك مع النقابة العامة للمحامين لائحة النظام الخاص بأعضاء الإدارة القانونية بها وذلك بمراعاة درجات قيدهم بجداول المحامين وبدلاتهم وأحكام وإجراءات قياس أدائهم وواجباتهم وإجراءات تأديبهم وإلى أن تصدر هذه اللائحة تسري في شأنهم أحكام قانون الإدارات القانونية بالهيئات العامة والمؤسسات العامة والوحدات التابعة لها الصادر بالقانون رقم ٤٧ لسنة ١٩٧٣. وتصدر هذه اللائحة بقرار من رئيس مجلس الوزراء بناءً على عرض من الوزير المختص والنص في المادة ٢٤ من القانون رقم ٤٧ لسنة ١٩٧٣ بشأن الإدارات القانونية على أن يُعمل فيما لم يرد فيه نص في هذا القانون بأحكام التشريعات السارية بشأن العاملين المدنيين بالدولة أو بالقطاع العام على حسب الأحوال.
وكذلك باللوائح والنُظم المعمول بها في الجهات المُنشأة بها الإدارات القانونية يدل على أن قانون شركات قطاع الأعمال العام ولائحته التنفيذية الصادرة نفاذاً لأحكامه بموجب قرار رئيس مجلس الوزراء رقم ١٥٩٠ لسنة ١٩٩١ وكذلك ما تُصدره تلك الشركات من لوائح متعلقة بنظام العاملين بإدارتها القانونية هي الأساس في تنظيم علاقات العاملين بهذه الإدارات، فإذا خلت من نص أو لم تصدر لائحة نظام العاملين بالإدارات القانونية فتُطبق أحكام قانون الإدارات القانونية رقم ٤٧ لسنة ١٩٧٣ المشار إليه، فإن خلا بدوره من نص يحكم النزاع تعين الرجوع إلى لائحة نظام العاملين بالشركة الصادرة وفقاً لأحكام الفقرة الأولى من المادة ٤٢ من القانون رقم ٢٠٣ لسنة ١٩٩١ سالف الذكر.
وكان قانون شركات قطاع الأعمال العام ولائحته التنفيذية قد سكتت عن تنظيم حالة استحقاق العامل الأجر الشامل المضاعف له عن العمل أيام الراحات، وكانت المطعون ضدها – وبما لا يماري فيه الخصوم – لم تصدر لائحة بنظام العاملين بالإدارة القانونية بها إعمالاً لحكم المادة ٤٢/٢ من القانون المشار إليه، وخلت أيضاً نصوص قانون الإدارات القانونية من نص يُنظم هذا الأمر ومن ثم يتعين الرجوع إلى لائحة نظام العاملين بالشركة المطعون ضدها الصادرة نفاذاً لحكم الفقرة الأولى من المادة ٤٢ من القانون رقم ۲۰۳ لسنة ١٩٩١ والمُعتمدة بقرار وزير الطيران المدني رقم ٥٤٨ لسنة ٢٠٠٦ والمعمول بها ابتداءً من ٧/٦/٢٠٠٦ – والمنطبقة على واقعة النزاع – وكان النص في المادة ٦٩ من هذه اللائحة قد جرى على أن يحدد رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة أيام العمل في الأسبوع وساعاته بما يتفق مع النظام العام وطبيعة الشركة وأهدافها مع مراعاة القوانين والقرارات السارية وفي المادة ٧٠ على أن للعامل الحق في إجازة بأجر كامل في أيام العطلات والأعياد والمناسبات الرسمية التي يصدر بتحديدها قرار من الوزير المختص بالقوى العاملة ويجوز تشغيل العامل في هذه العطلات بأجر مُضاعف أو أن يُمنح أياماً عوضاً عنها، وذلك بالضوابط والشروط التي يُحددها رئيس مجلس الإدارة… بما مفاده أن الأصل أن للعامل الحق في إجازة بأجر كامل عن أيام العطلات والمناسبات والأعياد الرسمية، وأن اللائحة أعطت لرئيس مجلس الإدارة الحق في تحديد أيام العمل في الأسبوع ومواقيته وفقاً لما تقتضيه مصلحة العمل.
وضمنت اللائحة للعامل في إجازة بأجر أيام العطلات والأعياد والمناسبات الرسمية وأجازت تشغيل العامل فيها وجعلت لجهة العمل الخيرة في منح العامل أيام راحة عوضاً عنها، أو أن تصرف إليه أجره مضاعفاً عن تلك الأيام، ويترتب ذلك أنه يشترط لاستحقاق العامل أجره مضاعفاً أن يثبت أنه قام بالعمل خلال تلك الأيام بناءً على تكليف من جانب جهة العمل، أو لضرورات اقتضتها ظروف العمل وأن جهة العمل لم تمنحه أيام راحة عوضاً عنها.
لما كان ذلك، وكانت المطعون ضدها لا تماري في أن يومي الجمعة والسبت هما يوما راحة أسبوعية، إلا أنها تساندت في دفاعها إلى خطاب الإدارة العامة للموارد البشرية لديها من عدم اعتبار الراحات الأسبوعية من ضمن الإجازات والعطلات الرسمية، إلا أنه ولما كان النص في المادة ٧١ من اللائحة سالفة البيان جرى على أن يُستحق العامل في حدود القواعد والضوابط التي يضعها مجلس الإدارة للشركة القابضة الإجازات الآتية ١- إجازة عارضة ٢- إجازة سنوية بأجر كامل لا يدخل في حسابها أيام العطلات والأعياد والمناسبات الرسمية والراحات الأسبوعية على الوجه التالي …. يدل على أن المشرع اللائحي ساوى بين الراحات الأسبوعية والعطلات والأعياد والمناسبات الرسمية إذ يجمعها أنها تؤمن للعامل من أسباب الراحة ما لا تتيحه الأيام العادية وهو ما ينعكس ختاماً على مصلحة العمل؛ ومن ثم تقترن الراحات الأسبوعية بعطلات الأعياد والمناسبات الرسمية وتأخُذ حكمها وتسري مسارها فيما يتعلق بتشغيل العامل خلالها بحيث يستحق العامل أجراً مضاعفاً أو يُمنح أيامًا عوضاً عنها.
والقول بغير ذلك يخل بمبدأ المساواة بين العاملين بالتسوية في الأجر بين غير المتساوين في الظروف، فضلاً عن إثراء جهة العمل على حساب العامل، وكان من المقرر أن سقوط الحقوق لا يجوز أن يتقرر إلا بسند من مرتبة السند الذي أنشأ الحق، ومن ثم فإن ما قررته الإدارة العامة للموارد البشرية لدى المطعون ضدها – وبفرض صحة ذلك – من عدم اعتبار الراحات الأسبوعية من ضمن العطلات يكون حابط الأثر ولا يُعطل نص اللائحة واجبة التطبيق بحسبان أن القرارات التي تصدر من إدارة الموارد البشرية في مرتبة أقل من سند إنشاء الحق المُقرر باللائحة. وكان من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن الحكم يكون مشوباً بالفساد في الاستدلال إذا انطوى على عيب يمس سلامة الاستنباط ويتحقق ذلك إذا استندت المحكمة التي أصدرته في اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها أو إلى عدم فهم العناصر الواقعية التي ثبتت إليها أو وقوع تناقض بين هذه العناصر كما في حالة عدم اللزوم المنطقي للنتيجة التي انتهت إليها في حكمها بناءً على ذلك، وأنه إذا كانت المادة ١٧٨ من قانون المرافعات قد أوجبت أن تشتمل الأحكام على الأسباب التي بُنيت عليها وإلا كانت باطلة فإن ذلك مقتضاه أن تُبين المحكمة الوقائع والأدلة التي استندت إليها في حكمها وكونت منها عقيدتها بحيث تستطيع محكمة النقض أن تُراقب ثبوت الوقائع وأدلة هذا الثبوت وسلامة تطبيق القانون عليها وأن ما أُثير حولها من دفاع لا يؤثر فيها فإذا تعذر تعيين الدليل الذي كونت منه المحكمة اقتناعها بوجهة نظرها فإن الحكم يكون قد عابه قصور يُبطله.
لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض الدعوى بقالة خلو لائحة العاملين لدى المطعون ضدها من عَدِّ يوم السبت من ضمن أيام الراحة التي يتقاضى عنها أجراً إضافياً، على الرغم من عدم مماطلة المطعون ضدها في عَدِّ يوم السبت يوم راحة أسبوعية، وهو ما حجبه عن استظهار عدد ساعات العمل المُقرر للطاعن عملها في الأسبوع والتي يتقاضى عنها أجره، وما إذا كان قد تم تشغيله تشغيلاً فعلياً في أيام الراحات الأسبوعية والعطلات والأعياد والمناسبات الرسمية ومقدار هذه الأيام، وما إذا كانت المطعون ضدها قد عوضته عيناً عن هذه الأيام، وما إذا كان ثمة خطأ اقترفته المطعون ضدها وسبب ضرراً للطاعن يستحق عنه تعويضاً من عدمه، فإنه يكون معيباً بالفساد في الاستدلال الذي جره للخطأ في تطبيق القانون بما يعيبه ويستوجب نقضه من دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن، على أن يكون مع النقض الإحالة.