«النقض»: ارتكاب الجريمة لا يقتضي في الواقع أكثر من تقابل إرادة المساهمين
في حكم لها..
أكدت محكمة النقض خلال حكمها بالطعن رقم الطعن رقم 5613 لسنة 90 قضائية، أن الاتفاق على ارتكاب الجريمة لا يقتضي في الواقع أكثر من تقابل إرادة المساهمين، ولا يشترط لتوافره مضي وقت معين ومن الجائز عقلاً وقانوناً أن تقع الجريمة بعد الاتفاق عليها مباشرة أو لحظة تنفيذها تحقيقاً لقصد مشترك بين المساهمين هو الغاية النهائية من الجريمة أي أن يكون كل منهم قصد قصد الآخر في إيقاع الجريمة المعنية وأسهم فعلاً بدور في تنفيذها بحسب الخطة التي وضعت أو تكونت لديهم فجأة.
الوقائــــع
اتهمت النيابة العامة كلاً من 1- ……. ( طـاعن)، ۲- …………….. في قضية الجناية رقم 10944 لسنة ٢٠١٩ قسم مرسى مطروح والمقيدة بالجدول الكلي برقم ٦٢٠ لسنة ٢٠١٩ مرسی مطروح.
بأنه في يوم 15 من يوليه سنة 2019 – بدائرة قسم مرسى مطروح – محافظة مرسى مطروح.
أولاً:- شرعا في تهريب المهاجرين………………..والأطفال ……………………….. بطريقة غير شرعية إلى دولة ليبيا عبر الدروب الصحراوية مقابل منفعة مادية (مبالغ ماليـة) يتحصلوا عليها نظير ذلك، وكـان مـن شـأن ذلك تعريض حياتهم للخطر، إلا أنه أوقف أثر جريمتهمـا لسبب لا دخل لإرادتهمـا فيـه وهو ضبطهما بمعرفة السلطات المختصة على النحو المبين بالأوراق.
ثانياً:- قام المتهم الأول بجمع ونقل المهاجرين المهربين تمهيداً لتسليمهم للمتهم الثاني لتهريبهم إلى دولة ليبيا عبر الدروب الصحراوية بطريقة غير شرعية على النحو المبين بالأوراق.
وأحالتهما إلى محكمة جنايات مطروح لمحاكمتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للأول وغيابياً للثاني بجلسة 18 من يناير سنة 2020 وعملاً بالمواد 1، ۲، 4، 6/فقرة أولى، فقرة ثانية بند (5،6،3)، 7/بند 5، 8، ۹، ۱۷ من قانون الهجرة غير الشرعية رقم ۸۲ لسنة ٢٠١٦ والمادتين ۱/۲، ١١٦ مكرر من القانون رقم ١٢ لسنة ١٩٩٦ بشأن الطفل والمضافة بالقانون رقم ١٢٦ لسنة ٢٠٠٨، بعد إعمال حكم المادتين ۱۷، ۳۲ من قانون العقوبات، بمعاقبة كل من ……………. بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات وتغريمه مائتي ألف جنيه عما أسند إليه وبمصادرة السيارة المضبوطة وألزمته المصاريف الجنائية.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض بتاريخ 11 من مارس سنة 2020، وأودعت مذكرة بأسباب الطعن بالتاريخ ذاته موقعاً عليها من محام مقبول للمرافعة لدى محكمة النقض.
وبجلسة اليوم سمعت المحكمة المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة.
المحكمـــة
بعد الاطلاع علي الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً.
من حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون.
ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه إنه إذ دانه بجريمتي الشروع في تهريب مهاجرين بطريقة غير مشروعة، وتعريض حياتهم للخطر، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه لم يحط بوقائع الدعوى وأدلتها عن بصر وبصيرة، ولم يستظهر وجود اتفاق بين الطاعن والمحكوم عليه الآخر على ارتكاب الجريمة، وعول في الإدانة على تحريات الشرطة رغم تناقضها مع التحريات الأولية، ودانه رغم خلو الأوراق من دليل يقيني على اقترافه الجريمة، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه دليلين استقاهما من أقوال شاهدي الإثبات، وهما دليلان سائغان من شأنهما أن يؤديا إلى ما رتب عليها، وجاء استعراض المحكمة لدليلي الدعوى على نحو يدل على أنها محصتهما التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة.
وإذ كان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة والظروف التي وقعت فيها، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ــ كما هو الحال في الدعوى المطروحة ــ كان ذلك محققاً لحكم القانون، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون لا محل له. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الاتفاق على ارتكاب الجريمة لا يقتضي في الواقع أكثر من تقابل إرادة المساهمين، ولا يشترط لتوافره مضي وقت معين ومن الجائز عقلاً وقانوناً أن تقع الجريمة بعد الاتفاق عليها مباشرة أو لحظة تنفيذها تحقيقاً لقصد مشترك بين المساهمين هو الغاية النهائية من الجريمة أي أن يكون كل منهم قصد قصد الآخر في إيقاع الجريمة المعنية وأسهم فعلاً بدور في تنفيذها بحسب الخطة التي وضعت أو تكونت لديهم فجأة.
وأنه يكفي في صحيح القانون لاعتبار الشخص فاعلاً أصلياً في الجريمة أن يسهم فيها بفعل من الأفعال المكونة لها، وكان ما أورده الحكم في بيان واقعة الدعوى ومما ساقه من أدلة الثبوت كافياً بذاته للتدليل على اتفاق الطاعن مع المحكوم عليه الآخر على التهريب الغير شرعي للمهاجرين، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديداً.
لما كان ذلك، وكان تقدير جدية التحريات هو من المسائل الموضوعية التي تخضع لإشراف محكمة الموضوع، وللمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية، فإن ما يثيره الطاعن من تناقض تحريات الشرطة النهائية مع التحريات المبدئية والتي لم يتساند إليها في إدانة الطاعن ولم يورد لها ذكراً إنما ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى ولا يجوز مصادرتها فيه أمام محكمة النقض.
لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد من الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن بشأن خلو الأوراق من دليل يقيني على اقترافه الجريمة لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع برفضه.
أميـــــن الســــــــــر رئــيــــس الدائــرة