دكتور حمدي احمد زيدان يكتب: الجامعات التكنولوجية.. بوابة مصر نحو ريادة صناعية عالمية

تشهد مصر في السنوات الأخيرة اهتمامًا متزايدًا بالجامعات التكنولوجية باعتبارها إحدى الركائز الأساسية لتحقيق التنمية المستدامة ورؤية مصر 2030، حيث تمثل هذه الجامعات الذراع الأكاديمي والعملي لإعداد كوادر بشرية مدربة على أعلى مستوى، قادرة على تلبية احتياجات سوق العمل الصناعي المتطور.
فالاقتصاد الحديث لم يعد يقوم على وفرة العمالة التقليدية، بل على الكفاءات الفنية عالية التدريب، القادرة على تشغيل أحدث التقنيات وتطوير خطوط الإنتاج ورفع جودة المنتج المحلي. ومن هنا يأتي دور الجامعات التكنولوجية في سد الفجوة بين التعليم النظري ومتطلبات سوق العمل، من خلال إعداد جيل من الفنيين والمهندسين يمتلكون المهارات التطبيقية التي تحتاجها الصناعة المصرية.
لكن الأهم من ذلك هو إقامة شراكة حقيقية بين الجامعات التكنولوجية ورواد الصناعة في مصر، بحيث لا تبقى المناهج الدراسية مجرد قوالب جامدة، بل يتم تحديثها بشكل مباشر ومستمر وفقًا للتغيرات السريعة في أسواق الإنتاج والتكنولوجيا. فالتواصل المستمر بين رجال الصناعة وأساتذة الجامعات يضمن تخريج طلاب يمتلكون المهارات الفعلية التي يحتاجها المصنع، بما يحقق تكاملاً بين الجانب الأكاديمي والجانب التطبيقي.
هذه المنظومة التعاونية هي السبيل لخلق طفرة نوعية في الصناعة المصرية، تجعل المنتج المحلي أكثر قدرة على المنافسة، ليس فقط داخل السوق الوطني، بل أيضًا في الأسواق العالمية. ومع وجود كوادر بشرية على درجة عالية من الكفاءة، تصبح مصر مؤهلة لتحقيق ريادة صناعية إقليمية وعالمية، متماشية مع مستهدفات رؤية 2030، التي تضع الصناعة والابتكار في قلب استراتيجيات التنمية.
إن الاستثمار في الجامعات التكنولوجية هو استثمار في المستقبل، حيث لا تقتصر عوائده على رفع مستوى التعليم فقط، بل تمتد إلى دفع عجلة الاقتصاد، وزيادة فرص التوظيف، وتحقيق استقلالية صناعية حقيقية تليق بمكانة مصر وتاريخها وريادتها.