ما هو “جدري القرود” الذي بدأ يتفشى في العالم ؟ وما هي أعراضه؟ وما علاقته بالقرود ؟!
سجلت الولايات المتحدة الأمريكية أول إصابة بـ«جدري القرود»، المرض الذي لا علاقة لتسميته بالقردة سوى أنها كانت أول ضحاياه. اكتشافُ الإصابة بهذا الفيروس النادر بعد إسبانيا والبرتغال وبريطانيا أثار التساؤلات حول مدى خطورته وإمكانية تفشيه.
يندرج «جدري القرود» ضمن عائلة مرض الجدري، الذي تم القضاء عليه عام 1980، وإن كان مازال موجوداً بقابلية انتقالٍ أقل، وأعراضٍ أكثر اعتدالاً وأقل فتكاً عن ذي قبل. وكانت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية قد وافقت على اللقاح الأول لجدري القرود عام 2019.
وذكرت شبكة «إن بي سي نيوز» أن الإصابة المكتشفة هي لرجل من ولاية ماساتشوستس. وكانت إسبانيا قد رصدت في وقت سابق أول إصابة بالمرض، بعد تفشي حالات في البرتغال والمملكة المتحدة.
وبحسب صحيفة «جارديان»، أصدرت السلطات الصحية في إسبانيا تحذيراً بشأن تفشٍ محتمل لجدري القرود بعد أن ظهرت على 23 شخصاً أعراض متوافقة مع العدوى الفيروسية. وقالت وزارة الصحة إنه تم إصدار تحذير على مستوى البلاد «لضمان استجابة سريعة ومنسقة وفي الوقت المناسب».
ولكن ما هو جدري القرود؟
حتى الآن، ليس لدى مسؤولي الصحة العالمية معلومات كافية حول الطريقة التي أصيب بها هؤلاء الأشخاص. كما أن هناك قلق من أن الفيروس قد ينتشر عبر المجتمع دون أن يتم اكتشافه، وربما من خلال طرق جديدة للانتقال
وتقدر هيئة الأمن الصحي البريطانية أن المخاطر على عامة السكان منخفضة. وتقول إن المرض يسبب عادة أعراضاً خفيفة قد تتخذ مسارات حادة. وأضافت أن العدوى تنتقل فقط عبر المصابين والذين لديهم اتصال وثيق بهم
ووصفت عالمة الأوبئة سوزان هوبكنز، كبيرة المستشارين الطبيين لوكالة الأمن الصحي في بريطانيا، الحالات الحالية المكتشفة بأنها تفش «نادر وغير معتاد». وتساءلت: «أين وكيف أصيب هؤلاء الأشخاص بالعدوى؟.. ما زال الأمر قيد البحث». يبدأ جدري القرود عادةً بأعراض تشمل حمى وصداع وآلام في العضلات والظهر وتضخم في الغدد الليمفاوية وقشعريرة وإرهاق، ما يفضي في النهاية إلى طفح جلدي وبثور مؤلمة مليئة بالسوائل على الوجه واليدين والقدمين. ويظهر الطفح عادة على الوجه أولاً ثم يصيب اليدين والقدمين، ويميل إلى التطور خلال يوم إلى ثلاثة.
ويمكن لـ«نسخة واحدة من جدري القرود أن تكون قاتلة، وقد تودي بحياة ما يصل إلى 10% من المصابين». لكن طبيعة الإصابات الحالية في بريطانيا «أكثر اعتدالاً»، كما أن السيطرة على المرض تتم في غضون أسبوعين إلى أربعة أسابيع
وعادةً ما كان الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بهذا المرض في غرب أو وسط أفريقيا من الحيوانات. ويتطلب انتقال الفيروس من جسد إلى آخر الاتصال الوثيق بسوائل الجسم، مثل اللعاب الناتج عن السعال أو القيح من الآفات. لذا فإن نسبة الخطر يمكن اعتبارها منخفضة، بحسب وزارة الصحة البريطانية. لكن يبحث بعض العلماء أيضاً فرضية انتقاله عبر الاتصال الجنسي، وفقاً لتقرير أذاعه راديو «إن بي آر» الأمريكي.
وحيث إن الحالات المكتشفة في بريطانيا لم تتضمن حالات سفر إلى أفريقيا أو على اتصال بأي مريض مسجل سافر إلى هناك، فقد رجحت عالمة الفيروسات آنجي راسموسن من منظمة اللقاحات والأمراض المعدية أن يكون «هذا انتشاراً خفياً من حالة قادمة من الخارج»
ورغم التسمية، فهو لا ينتقل المرض في الأساس من القرود. ونقلت «إن بي آر» عن خبير مختص في جدري القرود قوله إنه «في الواقع التسمية خاطئة إلى حد ما.. ربما ينبغي أن نطلق عليه جدري القوارض»، مثل السناجب أو الجرذان، التي تنشر الفيروس عبر الخدش أو العض أو ملامسة سوائلها
لكن سبب إلصاق التسمية بالقرود هو أن أولى الحالات الموثقة للمرض ظهرت عام 1958 بين القرود في معمل أبحاث كان يضم قروداً تجرى عليها تجارب علمية، بحسب «إن بي آر»
غير أن مجلة «فوربس» الأمريكية ذكرت أن أول حالة بشرية سُجلت في الكونغو الديمقراطية عام 1970، موضحة أنه منذ ذلك الحين، ظهرت الإصابات البشرية في الكونغو والكاميرون ومنهما إلى دول أفريقية عدة، ثم انتشر خارج القارة السمراء.